الخميس، 19 أبريل 2012

الجندب الحكيم


الجندب[1] الحكيم
قصة للكاتبة/ إليزابث دافيس ليفت    ترجمة/ حسن صلاح حسن
"هيا يا بلي .. تعالى"
ألقى "بلي" لعبته – العسكري الصفيح - على الأرض، وجرى إلى الداخل ليساعد والدته فى مسح الأطباق. أعطته أمه فوطة جديدة وجميلة، فبدأ بمسح الأطباق الصفيح بأسرع ما يمكنه. ولم يكن يدع أى طبق من يديه، إلا إذا رأى وجهه على صفحة الطبق اللامع.كانت أمه تعتقد أنه لن يتمكن من مسحها جيداً، ولكنه كان متقناً لمسحها وتلميعها. وهكذا كانت أم بلى تجعله يمسح ويجفف الأطباق الصفيح فقط لأنه لا يزال طفلاً صغيراً، وكانت تعتقد أنه ربما كسر الأطباق الصيني.
الآن – في هذا الصباح الخاص – أسرعت والدة بلي إلى البوابة الأمامية لتشتري العشاء من بائع الخضروات. وحين ذهبت الأم، كان بلى قد انتهى من تجفيف الأطباق الصفيح على صينية التجفيف، إلا أنه كان ما زال هناك فنجان صيني على الصينية يحتاج التجفيف.
فقال "بلى" : أعتقد أننى سأمسح هذا الفنجان أيضاً." شبَّ بلي على المنضدة، وأمسك الفنجان بإحكام ثم ببطء وحرصٍ شديدين أراد أن ينقل الفنجان إلى اليد الأخرى – صوت ارتطام – وسقط الفنجان على الأرض إلى قطع صغيرة.
انتابه الرعب، وهرع إلى الباب ليرى إذا كانت أمه قادمةً، ولكنها كانت ما زالت منهمكة في الحديث مع بائع الخضروات. ففعل شيئاً غريباً؛ قام بدفع كل قطع الفنجان المكسور تحت المنضدة، وجرى من الباب الخلفي إلى ألعابه. لكنه لم يلعب بها، وإنما جلس على صخرة، واضعاً ذقنه على يديه. نظر العسكرى الصفيح إليه، كما لو كان يقول له:
"هيا يا بلي .. هيا بنا نمشى الخطوة العسكرية .. للأمام مارش."
أما الحصان الصغير وعربته فكان مستعداً، كما لو كان يقول له:
"هيا يا بلي ... هيا بنا لنسافر ونتجول فى البلاد."
أما الدب الصغير فمال برأسه جانباً، كما لو أراد أن يقول له:
"هيا يا بلي ... هيا لنتسابق."
ولكن بلي لم يحرك ساكناً. ظل جالساً هناك يفكر. وفجأة سمع صوتاً عالياً يقول له:
"ما الأمر يا بلي؟"
قفز بلي من مكانه متلفتاً حوله، فوجد جندباً جالساً على عشبة.
قال الجندب: "ماذا بك اليوم يا بلي؟"
أجاب بلي: "إني خائف ... إنني ولد سيء."
تعجب الجندب وسأله: "لماذا؟ ... ماذا حدث؟"
أجابه بلي: "كنت أنظف أحد الأكواب الصينية هذا الصباح ... ولكن الكوب سقط منى على الأرض وانكسر."
فسأله الجندب: "وماذا فعلت بعد ذلك؟"
احمّر وجه بلي خجلاً، ولم يود أن يخبر الجندب بما فعله بعد ذلك.
فقال له الجندب مُشجعاً: "إن أخبرتنى. فربما أستطيع مساعدتك."
فقال بلي: "أخفيت القطع المكسورة تحت المنضدة، وجئت إلى هنا .. لأفكر."
فسأله الجندب: "لـِمَ لمْ تخبر أمك بما حدث؟"
فقال بلي: "أوه .. لا يمكننى أن أفعل ذلك .. أنا خائفٌ."
فقال له الجندب: "ولم تخاف؟ ألا تحبك والدتك؟"
فبكى بلي قائلاً: "نعم تحبنى جداً."
فقال الجندب: "وأنت .. ألا تحب والدتك؟"
فقال بلي: "نعم مئة مليون مرة."
فقال الجندب: "إذاً اذهب وأخبرها أنك كسرت الفنجان! ستكون سعيداً جداً إن فعلت ذلك!"
قال بلي: "لا يمكنني ... لا يمكن أن أفعل هذا."
فقال الجندب: "ليرحمنا الله" ثم قفز إلى عشبة أخرى والتفت إليه وقال: "لو كنت مكانك، ما كنت لأخاف. أي رجل ستكون حين تكبر!"
قال بلي: "انتظر .. ربما سأذهب لأخبرها، فلتنتظر هنا حتى أعود إليك."
ومشى متثاقل الخطى تجاه باب المنزل. كانت دقات قلبه متسارعة، بل إنه كان يمكنه سماع تلك الدقات المكتومة. وحين وقف بالباب بوجه يملؤه الخجل، نظرت إليه أمه وقالت:
"هل جئت لتساعد ماما في تقشير البسلة؟" لأنها كانت تقشر البسلة، ولكن بلي لم يُجِب. فقط اقترب منها، وقال: "ماما ... أنا .. أنا .. أنا كسرت الفنجان."
فقالت أمه وهى تحوطه بكلتا يديها: "أعلم يا حبيبي .. ماما عرفت لأنها رأت القطع المكسورة، وكانت تسأل نفسها: يا ترى سيأتى صغيرها ليخبرها بأنه كسر الفنجان أم لا؟"
رفع بلي عينيه إلى عينيها فرأى بسمتها الجميلة التى يحب أن يراها على وجهها، ثم قال:
"ظننت أنك ستحزنين."
ردت عليه أمه: "أنا حزينة يا بلي لأنك كسرت الفنجان، ولكننى سعيدة – سعيدة جداً – لأنك شجاع جداً وأخبرت ماما بالحقيقة. ماما تريدك أن تكبر، وأن تكون رجلاً شجاعاً." ثم رفعت وجهه إليها، وقبَّلتْ كلتا خديه المتوردين.
فقال لها: "سأعود إليك في دقيقة واحدة يا أمي." وجرى إلى خارج البيت. كان الجندب يتقافز هنا وهناك، إلى أن رأى بلي مقبلاً عليه فتوقف عن القفز. وحين رأى البسمة والسعادة تعلو وجه بلي، قال له:
"ألم أقل لك؟"
فقال بلي: "من أين عرفت هذا؟"
مال الجندب برأسه جانباً، ثم قال: "عرفت لأنى جندب حكيم جداً، وأعرف كل ما يحدث تحت السماء."
وعندئذٍ قفز الجندب قفزة كبيرة جداً، ولم يعرف بلي إلى أين ذهب. فصاح مودعاً: "إلى اللقاء .. يا أيها الجندب الحكيم."
ثم نظر إلى ألعابه الحزينة التى ترقد على الأرض، وقال:
"سأعود إليكم بعد قليل لنلعب سوياً. سأدخل المنزل لأساعد أمى في تقشير البسلة!"
ثم جرى بأسرع ما يمكن لساقيه القصيرتين عائداً إلى المنزل.
ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن


[1] الجندب : هو الجراد الصغير

الاثنين، 30 يناير 2012

القلم الرصاص


القلم الرصاص
جلس الصبي بجوار جده الذي كان منخرطاً في كتابة قصة. فتساءل الصبي:ماذا تكتب يا جدي؟ أتكتب قصةً عما يحدث في عالمنا؟ أم أنك تكتب قصةً عنى؟
فتوقف الجد عن الكتابة، وقال مبتسماً: بل أكتب قصةً لك، ولكن انظر إلى هذا القلم الرصاص. إنه لأكثر أهميةً مما أكتب، وأود لو أنك تصبح مثله عندما تبلغ مبلغ الرجال.
نظر الصبي إلى القلم الرصاص مدهوشاً، وأمعن فيه النظر، لكنه لم يلحظ أي اختلافٍ بين هذا القلم وغيره من الأقلام.
قال الصبي :إنه مثل أي قلم آخر يا جدي.
قال الجد:صدقت ولكن عليك أن تعلم أن لهذا القلم خمس خصال أود أن تكون فيك.
أما الخصلة الأولى فمن الممكن أن تقوم بعمل الأشياء العظيمة، ولكن لا تنسَ أبداً أن هناك يداً واحدةً قادت هذه الخطوات. وهذه اليد هي (يد) الله، فالله هو المتحكم فينا، وهو الذي يقودنا إلى حيث شاء.
وأما الخصلة الثانية فمن حين إلى آخر يجب أن تتوقف عن الكتابة لتستخدم المبراة، وهذا يعنى القليل من الألم لهذا القلم الرصاص. ولكن بعد قليل من الوقت سيصبح هذا القلم أكثر حدة. ولذا فعليك أن تعرف أنه من الأفضل لك أن تعانى قليلاً، لأن ذلك سيجعلك أكثر قوة وصلابة.
وأما الخصلة الثالثة فهي أن القلم الرصاص يمنحك فرصة استخدام الممحاة لكي تزيل أخطاءك وتحاول إصلاحها، وهذا ضروري لتسلك طريق الصالحين.
والخصلة الرابعة بالنسبة للقلم الرصاص، فإن شكله أو جودة الخشب المصنوع منه ليس ضرورياً، ولكن الضروري هو مادة الرصاص. وبهذه الطريقة، يجب عليك دائماً أن تحرص على ما يحدث بداخلك فالباطن أهمّ من الظاهر.
أما الخصلة الخامسة والأخيرة فهي دائما اترك أثراً ... يجب عليك أن تعرف أن كل ما تفعله في الحياة سيترك أثراً ، ولذا فكن حذراً في كل أفعالك.

ترجمة / حسن صلاح حسن
للأديب والروائي البرازيلي باولو كويلو

الأحد، 29 يناير 2012

الشجرة الكريمة


الشجرة الكريمة
كان هناك شجرة وولد صغير، وكانت الشجرة تحب هذا الولد جداً. فقد كان يلعب أسفلها كل يوم. كان يقطف الأزهار ويصنع منها أكاليل الورد. كما كان يتسلق جذع الشجرة ويتأرجح على أغصانها، ويلعب (الأستغماية) مع السناجب ويتحدث مع الطيور. وبحلول الظهيرة كان يشعر بالتعب. وعندئذٍ كان ينام تحت الشجرة. وحين يشعر بالجوع يأكل من ثمارها. كان الولد يحب الشجرة حباً جمّاً أيضاً.
مرّ الوقت، وكبر الولد، وتوقف عن زيارة الشجرة، فشعرت الشجرة بالوحدة والحزن.
وبعد سنواتٍ عديدة، أتى الولد لزيارة الشجرة التى غمرتها السعادة لرؤيته، فقالت له:
-       تعال يا بني .. تعال إلعب وامرح .. تسلق جذعي وتأرجح على أغصاني.
فقال الولد:
-   لم يعد لدي وقت لهذا .. فأنا في حاجة إلى المال .. أريد أن أذهب إلى المتجر لشراء شيء ما .. هل تستطيعين أن تعطيني بعض المال؟
فأجابت الشجرة:
-       ليس لدي أي مال لأعطيه لك .. ولكن يمكنك أن تجني ثماري وتبيعها في السوق. عندئذٍ ستحصل على المال لشراء ما تريد."
فقطف الولد كل الثمار، وكانت الشجرة سعيدة. واختفى الولد بعد ذلك لسنواتٍ، حتى أتى فى يومٍ من الأيام وقال للشجرة:
-       أريد منزلاً، فسوف أتزوج فى الغد القريب، وأحتاج منزلاً لزوجتى وأبنائي.
فأجابت الشجرة:
-       يمكنك أن تقطع أغصاني، وتصنع منها منزلاً خشبياً.
نفذّ الولد كلام الشجرة، ولم يبق من الشجرة إلا جذعها الطويل. ومرت سنوات طوال ولم يعد الولد إلى الشجرة لزيارتها، وكانت الشجرة تتذكره دوماً وتشعر بالحزن لفراقه، حتى أتى اليوم الذى رأت فيه الشجرة الولد ثانية فاهتزت من الفرح، وكان الولد يحمل حافظةً جلدية يضع فيها أوراق عمله. فسألته الشجرة:
-       ما الذي يمكننى أن أقدمه لولدى العزيز؟
فأجاب الولد:
-       إننى ذاهبٌ فى رحلة عملٍ سأضطر فيها أن أعبر البحر، وأحتاج قارباً بصورةٍ عاجلة، فهل يمكنك أن تمنحيني قارباً؟
فكرت الشجرة للحظات ثم قالت:
-       كل ما لدي الآن هو جذعي هذا. يمكنك أن تصنع منه قارباً.
وفقدت الشجرة جذعها أيضاً، ولم يبق منها إلا أصلُ الجذع. ومرَّ المزيد والمزيد من السنوات، إلى أن أتى فى يومٍ من الأيام شيخٌ خَرِف إلى أصل الجذع. تعرفت بقايا الشجرة فى الحال على الشيخ، وعرفت أنه الولد الذى كان يلعب معها فى طفولته. قالت الشجرة معتذرة له:
-       آسفةٌ يا صديقى، فلم يعد لدى ما أعطه لك، فقد انتهت ثماري، وقُطعت أغصاني وجذعي، ولم يبق مني سوى أصل الجذع.
تنهد الشيخ، وقال:
-   أترين أنه لم يعد لدي أسنان لآكل ثمارك، ولم يعد بي قوة لأتسلق جذعك وأتأرجح على أغصانك، فأنا مُتعبٌ للغاية. كل ما أريده الآن هو مكان أشعر فيه بالهدوء والراحة.
فقالت الشجرة متهللة:
-       إذاً فاجلس على ما تبقى من جذعى.

ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن
هى قصة مُعدّلة لقصة (Shel Silverstien) بعنوان "الشجرة المعطاءة" (The Giving Tree)

الجمعة، 27 يناير 2012

دفع الثمن المناسب




دفع الثمن المناسب

دعى نشفان أصدقاءَه إلى العشاء، وكان يطهو لهم قطعة لحم غضة، وفجأة علم أن ما لديه من الملح نفد. فنادى نشفان ابنه وقال له:

- اذهب بسرعة إلى القرية واشتر بعض الملح، ولكن ادفع ثمناً مكافئاً له، لا هو بالكثير ولا بالقليل.

دُهش ابنه وقال:

- أفهم جيداً لماذا لا أدفع الكثير يا أبى، ولكن ماذا لو اشتريته بسعر زهيد، ألا يوفر لنا ذلك المزيد من المال؟

فأجاب الأب:

- هذا سيكون معقول فى مدينة كبيرة، ولكن هذا الشىء من الممكن أن يدمر قرية كقريتنا.

عندما استمع ضيوف نشفان إلى حواره مع ابنه، أرادوا معرفة كيف لا يشترون الملح بسعر زهيد إن استطاعوا ذلك، فأجاب نشفان:

- السبب الوحيد الذى يجعل انساناً يبيع الملح أرخص من ثمنه هو حاجته الشديدة إلى المال، والذى يريد أن يستفيد من هذا العوز هو انسان ليس لديه أدنى احترام للعرق والجهد المبذول وكفاح الانسان الذى انتجه.

فقال الضيوف:

-    ولكن هذا الشىء البسيط لا يمكن أن يدمر قرية.

فقال نشفان:

- فى البداية كان هناك قدر ضئيل من الظلم، ولكن كل انسان أتى بعد ذلك أضاف لهذا القدر من الظلم نصيبه .. دائما ضع فى حسبانك أنه كان شيئاً ضئيلاً وبلا أهمية، ولكن انظر إلى ما وصلنا إليه اليوم.



ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن

القصة للكاتب/ باولو كويلو

الأحد، 15 يناير 2012

عقد الماء


عقد الماء
كان يا ما كان ، فى قديم الزمان ، كان هناك ملك فى بلاد الصين له ابنة جميلة. وابنة الملك تكون أميرة. كان هذا الملك غنياً جداً ، وكان يعيش مع أسرته فى قصرٍ كبير. وكانت للأميرة الكثير من الحجرات فى هذا القصر. كانت تحتاج الكثير من الحجرات لأن الألعاب التى كانت تمتلكها كثيرة جداً. وكانت حجرتها مليئة بالألعاب حتى السقف. وفى كل مرة يذهب أبيها خارج المملكة ، كان يعود ومعه هدية لإبنته. وإذا أراد أى زائر أن يأتى إلى القصر، كان يضطر أن يأتى بهدية إلى الأميرة. وكل الناس فى المملكة قد سمعوا عن هذه الأميرة التى تحصل على كل ما تريد.
وفى عيد ميلاد الأميرة كان يضطر أبيها الملك أن يشترى لها هدية. ولكن هذه الأميرة لم يكن لها عيد ميلاد واحد فى العام مثل كل الناس بل لها عيد ميلاد كل أسبوع.
كان الملك يقول لها: "كان عيد ميلادك بالأسبوع الماضى". ولكن الأميرة كانت تقول لأبيها الملك "صحيح؟ لا يهم. سيكون لى عيد ميلاد فى هذا الأسبوع أيضاً".
كلما كبرت الأميرة ، كلما جمعت الكثير من الهدايا. وكلما جمعت الكثير من الهدايا ، كلما احتاجت الكثير من حجرات القصر لتضع هداياها وألعابها بها. وكلما أرادت شئ تحصل عليه ، وبعد أن تحصل عليه تفكر فى شئ آخر. وكان بالفعل عندها الكثير من المجوهرات ، والألعاب ، والساعات من كل صنف.
وفى يوم من الأيام رأت الأميرة نافورة جميلة فى حديقة رجل غني. أدهشها الماء وهو يندفع إلى أعلى ويتساقط فى البركة الصغيرة محدثاً طرطشة ورذاذاً يلمع فى ضوء الشمس. كانت قطرات المياه اللامعة تبدو جميلة. ذهبت الأميرة إلى أبيها الملك وطلبت منه أن يعطيها نافورة. أعطى الملك أوامره للخدم ببناء نافورة فى حديقة القصر. عمل الخدم بجدٍ ومهارةٍ حتى انتهوا من بناء النافورة. عندما انتهوا من بناء النافورة ، أتت الأميرة لتنظر إليها.
صاحت الأميرة فرحة "إنها جميلة حقاً". ظلت الأميرة تنظر إلى قطرات المياة المتطايرة فى الهواء والتى تلمع فى ضوء الشمس. سقطت قطرة مياة على إحدى يديها ثم جرت إلى حافة إصبعها. ظلت على الإصبع لثوانٍ قليلة تلمع ثم سقطت على الأرض. ابتسمت الأميرة وهى تشاهد القطرة تلمع على إصبعها ثم قالت لأبيها:"أبى .. هناك شئ آخر أريد أن أحصل عليه." ظل الملك صامتاً ، فقالت "أريد أن يكون عندى عقد مصنوع من قطرات الماء."
فقال الملك مندهشاً "قطرات الماء! ولكن كيف يستطيع أى انسان أن يصنع عقداً من قطرات الماء؟"
"لا يهمنى كيف يُصنع. كل ما يهمنى هو أننى أريد عقداً من الماء. هذا الشئ ليس عندى وأريد أن أرتديه حول رقبتى." ظل الملك صامتاًَ.
فى اليوم التالى أرسل الملك الخدم ليحضروا له أفضل صانع مجوهرات فى المملكة كلها. قال له الملك حينما أتى:
- أريدك أن تصنع عٌقداً خاصاً لإبنتى الأميرة. عقداً ليس له مثيل ويكون مصنوعاً من قطرات الماء.
- ولكن يا سيدى الملك ، كيف أصنع عقداً من قطرات الماء؟
- لا يهمنى كيف تصنعه. اذهب الآن واصنعه.
ذهب صانع المجوهرات حزيناً إلى محله وبدأ العمل. أحضر الكثير من أنواع الخيوط المختلفة ، وإناءً ملأه بالماء. وضع يده فى الماء ثم سحبها. وجعل قطرات المياه الباقية على يديه تسقط على قطعة خيط إلا أن القطرات كانت تسقط من على الخيط أيضاً. جرب صانع المجوهرات أنواع الخيوط الأخرى ولكن قطرات المياه كانت تسقط على الأرض مثل الدموع. حاول مرات ومرات أن يصنع العقد من قطرات المياة ولكنه لم يستطع فذهب إلى الملك ليخبره بهذا. غضب الملك ، وأمر الجنود أن يضعوا صانع المجوهرات فى السجن. ثم صاح فى جنوده وخدمه:
- احضروا لى صانع مجوهراتٍ آخر.
ولكن صانع المجوهرات الآخر لم يستطع أن يصنع عقدأ من قطرات المياه ، فأمر الملك الجنود أن يضعوه فى السجن أيضاً وقال بإنه سيظل فى السجن حتى يصنع أى صانع مجوهرات لابنته العقد من قطرات المياه. امتلأ السجن بصانعى المجوهرات الذين لم يعرفوا كيف يصنعوا للأميرة عقداً من قطرات الماء.
وفى يوم من الأيام ذهب شيخٌ كبير إلى الملك ، فسأله الملك:
- هل أنت صانع مجوهرات؟
- لا يا سيدى الملك. إننى شحاذ. ولكننى سمعت عن مشكلة العقد المصنوع من قطرات الماء.
فقال الملك بشغفٍ:
- هل تستطيع أن تصنع عٌقداً من قطرات الماء؟
- بالتأكيد أستطيع. إنه أمرٌ سهلٌ جداً. ولكننى أريد بعض المساعدة.
- أنا الملك. أستطيع أن أعطيك كل ما تطلب. أخبرنى ماذا تريد وسوف أعطيه لك.
- أريد أميرةً تجمع لى قطرات الماء ، وبعد ذلك سوف أضع أنا القطرات على الخيط وأصنع لك عٌقداً جميلاً. أعدك بذلك.
أرسل الملك خادماً إلى الأميرة لتحضر أمامه. أتت الأميرة .. استمعت إلى كلام الشيخ وابتسمت ، وبسعادةٍ كبيرةٍ جرت إلى النافورة لتحضر للشيخ بعض قطرات الماء ، ولكن عندما عادت إليه وجدت يدها جافة ، ولا توجد أية قطرات من الماء عليها.
قال لها الشيخ الكبير:
- لا يهم. إذهبى ثانية وأحضرى المزيد من قطرات الماء. سأنتظرك هنا.
ذهبت الأميرة ثانيةً إلى النافورة. وضعت يدها فى الماء وجرت بسرعة إلى القصر لتعطى قطرات الماء للشيخ ، ولكن عندما وصلت إليه وجدت يدها جافة مرة أخرى. وعندئذ علمت الأميرة أن هذا مستحيل.
نظر إليها الشيخ الشحاذ وقال لها:
- أيتها البنت الغبية. إذا لم تستطيعين أن تحضرى لى قطرات الماء ، فكيف أستطيع أن أصنع لك عُقداً من الماء؟
أطرقت الأميرة وشعرت بالخجل.
فقال الشحاذ:
- وكيف سيستطيع كل صانعى المجوهرات أن يصنعوا لك عقداً من الماء يا أيتها البنت الغبية؟
ذهب الشحاذ.. فكر الملك فى كلام الشحاذ .. علم الملك أنه كان أحمقاً أيضاً.
أمر الملك الجنود أن يطلقوا سراح صانعى المجوهرات وأن يعودوا إلى بيوتهم. ومن ذلك اليوم لم يعد الملك يحضر لابنته الهدايا. وأمر ابنته أن تبيع الكثير من هداياها الثمينة وأن تعطى ثمنها لصانعى المجوهرات الذين كانوا فى السجن بسببها.
وأعطت الأميرة أيضاً الكثير من هداياها للناس الفقراء فى المملكة ، وأصبحت بنتاً طيبةً وكريمة. وأصبح لها عيد ميلاد واحد كل عام مثل أى شخصٍ آخر.
ترجمة الشاعر
حسن صلاح حسن
اسم القصة (A necklace of Water Drops)
للكاتب (David McRobbie)

الأحد، 1 يناير 2012

الدرس الأخير

الدرس الأخير
ذهبت إلى المدرسة فى ذلك اليوم متأخراً، وكنت مرعوباً من التوبيخ، وخاصةً أن الأستاذ هامل قد أخبرنا بأنه سيسألنا فى أسماء الفاعل وأسماء المفعول، ولم أكن أدرى أى شىء عن هذا الدرس. فى البداية فكرت فى الهرب وقضاء اليوم خارج المنزل. كان يوماً دافئاً مشرقاً. كنت أسمع سقسقة العصافير على مقربة من الغابة الصغيرة، أما جنود بروسيا (الألمان) فقد كانوا يحفرون فى الحقل الواسع خلف ماكينة النشر. وقد كان هذا يغوينى عن حضور درس أسماء الفاعل وأسماء المفعول. ولكننى تغلبت على هذه الغواية، وأسرعت إلى المدرسة.
وحينما مررت بمبنى المدينة، كان هناك حشدٌ من الناس أمام لوحة الأخبار. فقد علمنا كل أخبار بلدنا السيئة منها طوال العاميين الماضيين - معاركنا التى خسرناها، والانسحاب، وأوامر القائد العام – وسألت نفسى بدون التوقف عن السير:
- يا ترى، ما الأمر الآن؟
بعدئذٍ، وأنا أسرع الخُطى، نادى عليَّ الحداد "ووشتر" الذى كان هناك ومعه صبيّه:
- على رسلك يا صبي .. فما زال أمامك المزيد من الوقت لتصل إلى مدرستك.
فاعتقدت أنه يسخر منى، ووصلت إلى حديقة الأستاذ هامل الصغيرة وأنا مقطوع الأنفاس.
فى العادة، ومع انطلاق اليوم الدراسي يمكنك سماع ضوضاء وصخب التلاميذ من الشارع ... صوت فتح وإغلاق الدكك المدرسية ... أصواتنا تردد الدرس فى تناغم وبصوت عالٍ، واضعين أيدينا على آذاننا لكى نفهم الدرس أفضل، ومسطرة المعلم الكبيرة تطرق المنضدة.
أما اليوم حينما وصلتُ فكان كل شىء ساكناً. وكنت أُعوّلُ على صخب الأولاد لكى أمر إلى دكتى بدون أن يرانى الأستاذ هامل، ولكن فى ذلك اليوم كل شيء كان هادئاً كصبيحة يوم الأحد.
استطعت رؤية زملائى فى الفصل من النافذة، كلٌ فى مكانه، ورأيت الأستاذ هامل يذرع الغرفة ذهاباً وإياباً، متأبطاً مسطرته الحديدية المخيفة. كنت مضطراً إلى فتح الباب والمرور أمام الجميع، ولك أن تتخيل مدى الإحراج والخوف اللذان شعرت بهما.
ولكن لم يحدث شيء، فقد نظر لى الأستاذ هامل وقال بصوتٍ عطوف:
- اذهب إلى مكانك بسرعة يا صغيري "فرانز" .. كنا قد بدأنا الدرس بدونك.
فقفزت فوق المدرج، وجلست على مقعدي، ولم أكن قد لاحظت، حتى تلك اللحظة بعد أن تغلبت على خوفى قليلاً، أن الأستاذ هامل يرتدى معطفه الأخضر الجميل، وقميصه المهدَّب، وقبعته الحريرية السوداء الصغيرة، وكلها مطرزة، ولم يكن ليرتدى مثل هذه الملابس إلا فى أيام التفتيش أو تسليم الجوائز. وبالإضافة إلى ذلك فقد بدت المدرسة جميعها غريبة جداً ومهيبة. أمّا الشىء الذي أدهشنى كثيراً هو أن أرى فى المقاعد الخلفية، والتى تكون دائماً خالية، فلاحي القرية يجلسون فى صمتٍ مثلنا تماماً. هوسر العجوز، بقبعته ثلاثية الزوايا، وعمدة المدينة السابق، ومدير مكتب البريد السابق، وأخرون يجلسون بجوارهم. بدا على الجميع الحزن، وقد جلب هوسر كتاباً قديماً فى تعليم الهجاء قد بليت حوافه، وقد وضع الكتاب على ركبتيه مفتوحاً ووضع نظارته الضخمة فوق الصفحات.
وفى خضم دهشتى، اعتلى الأستاذ هامل كرسيه، وقال بنفس النبرة الرقيقة الحانية التى استخدمها معى منذ لحظات:
- أبنائى .. هذه هى آخر حصة لى معكم .. فقد جاءت الأوامر من ألمانيا بأن تُدرس اللغة الألمانية فقط فى مدارس ألساس[1] ولوراين[2]. معلمكم الجديد سيصل غداً. هذه آخر حصة للغة الفرنسية لكم، أريدكم أن تُعيرونى انتباهكم جيداً.
كانت هذه الكلمات كقصف الرعد فى أذني.
يا للأشرار! إذاً هذا ما وضعوه على لوح الأخبار.
آخر حصة فى اللغة الفرنسية! لماذا؟ لقد تعلمت بالكاد كيفية الكتابة! ولن أكتب بها بعد الآن! ومن المفترض أن أتوقف عند هذا الحد عندئذٍ! يا إلهى، كم أشعر بالأسى لأننى لم أذاكر دروسى، وكل هذا من أجل أن أجمع بيض الطيور، أو أذهب للتزلج على نهر السار[3] (Sarre). أما كتبى – التى كانت منذ لحظات قلائل تبدو وكأنها شيء تافه، وثقيلة عند حملها، وكتاب القواعد، وتاريخ القديسين – أصبحوا الآن أصدقائى القدامى الذين لا يمكننى التخلى عنهم. والأستاذ هامل أيضاً، مجرد فكرة أنه سيذهب بعيداً، ولن أراه ثانيةً، جعلتنى أنسى كل شيء عن مسطرته وكيف كان يعاملنا بقسوة وغرابة.
يا للرجل المسكين! فقد كان شرف ذلك الدرس الأخير السبب فى ارتدائه ملابسه الرائعة التى يرتديها أيام الآحاد. فهمت الآن سبب حضور شيوخ القرية وجلوسهم فى آخر صف فى الفصل. بالتأكيد لأنهم يشعرون بالأسى والأسف لعدم ذهابهم إلى المدرسة بما يكفى. لقد كانت تلك هى الطريقة التى أرادوا بها شكر المعلم الذى أفنى سنى عمره الأربعين فى خدمته المخلصة وإظهار إحترامه للوطن الذى لم يعد وطنهم الآن.
وبينما كنت أفكر فى كل هذه الأشياء، سمعت المعلم ينادى اسمى. لقد كان دورى فى إلقاء الدرس. ما الذى لم يكن عندى لأتمكن من أن أسمّع هذه القاعدة الصعبة لأسماء الفاعل والمفعول بصوتٍ عالٍ وواضحٍ وبدون أية أخطاء؟ لكننى تشوشت فى الكلمات الأولى، ووقفت هناك متشبثاً بمقعدى، وقلبى يدق دقاً عنيفاً، ولم أجرؤ على رفع ناظري إلى الأستاذ هامل االذى قال لى:
- لن أوبخك يا صغيرى فرانز؛ يكفيك ما تشعر به من خزي. أترى! كل يومٍ كنا نقول لأنفسنا .." مازال أمامى المزيد من الوقت .. سأتعلمها غداً" .. والآن أترى ما أُلنا إليه؟ هذه هى مشكلة ألساس الكبرى .. دائماً تؤخرون التعلم للغد .. والآن سيكون لهؤلاء السادة الجالسين فى آخر صف الحق فى أن يقولوا لك .." كيف هذا؟ أتتظاهر بأنك فرنسي ولا تستطيع أن تقرأ أو تكتب بلغتك الفرنسية؟" .. ولكنك لست الأسوأ يا صغيرى فرانز، فكلنا يستحق قدراً كبيراً من هذا التوبيخ.
"لم يكن لوالديك الدافع الكافى لتعليمك، فهم يفضلان لك أن تعمل فى الحقل أو فى الطاحونة، لكى تحصل على بنساتٍ قليلة. وأنا؟ .. يجب أن يُلقى اللوم على عاتقى أيضاً. ألم أرسلك مراتٍ ومراتٍ لتروى زهورى بدلاً من أن تستذكر دروسك؟ وحين أردت أن أذهب للصيد، ألم أعطك إجازة؟"
وتنقل الأستاذ هامل من موضوع إلى آخر متحدثاً عن اللغة الفرنسية، وكيف أنها كانت أجمل لغات العالم - أوضحها وأكثرها منطقية؛ لدرجة أنه يجب علينا حمايتها بيننا وألا ننساها أبداً، لأنه حينما يوضع فئة من الناس فى الأسر، فإن لديهم مفتاح سجنهم طالما ظلوا متشبثين بلغتهم تشبثاً وثيقاً. وبعدئذٍ فتح لنا كتاب القواعد، وبدأ فى قراءة الدرس. لكم كنت مدهوشاً لشد ما وجدتنى أستوعب كل شىء وأفهمه .. كل شىء قاله كان سهلاً جداً! أعتقد أننى لم أنصت بحرصٍ كافٍ مثل تلك المرة من قبل، كما أنه لم يشرح الدرس من قبل بمثل هذا الصبر. وبدا الأمر وكأن معلمنا المسكين يريد أن يلقننا كل ما يعرفه قبل أن يرحل عنا، ويضع كل العلم فى رؤوسنا دفعة واحدة.
بعد درس القواعد، أخذنا درساً فى الكتابة. وكان لدى الأستاذ هامل نسخاً جديدة، مكتوبة بخط جميل: فرنسا، ألساس .. فرنسا، ألساس. بدت هذه الكلمات كأعلامٍ صغيرة ترفرف فى كل مكانٍ فى الفصل متشبثةً بقضبان الحديد فى المناضد (دكك). وكان ينبغى عليك أن ترى كيف أن كل واحدٍ منا بدأ فى الحال فى الكتابة، وكان يلفنا الصمت .. أما الصوت الوحيد الذى يمكنك سماعه هو صوت احتكاك الأقلام بالأوراق. حتى أن بعض الخنافس كانت تطير، ولكن لم يعرها أحد انتباهه، حتى الصغار الذين كانوا يتتبعون بأقلامهم رسم صنانير الصيد، وكأن ذلك كان من دروس اللغة الفرنسية أيضاً. كانت هناك بعض الحمائم التى نسمع هديلهن المنخفض، فسألت نفسى:
- هل سيجعلون هذه الحمائم تُغنى بالألمانية؟ .. حتى الحمائم أيضاً؟
كلما رفعت بصرى عن كراسة الخط، رأيت الأستاذ هامل جالساً بلا حراك فى كرسيه محملقاً إلى شيء ما ثم ينقل ناظريه إلى شيء آخر، كما لو كان يريد أن يثبت فى عقله مكان كل شيء فى الفصل لآخر مرة. تخيل! لأربعين عاماً وهو يعمل فى نفس المكان .. يرى حديقته من النافذة .. وأمامه الفصل. الأمر ظل كذلك دائماً، غير أن المقاعد والمناضد قد تآكلت قليلاً، وأشجار الجوز فى الحديقة صارت أطول، وشجرة اللبلاب التى زرعها بنفسه كانت قد كبرت ووصلت جدائلها من النوافذ إلى السقف. يا لفؤاده المسكين الذى سيتحطم بتركه كل هذه الأشياء .. يا للمسكين! .. أن يسمع أخته تتحرك فى الغرفة الواقعة فوق الفصل تحزم الأمتعة حيث سيرحلون عن البلد فى اليوم التالى.
ولكن كانت لديه الشجاعة أن يسمع كل درس حتى النهاية. أخذنا درس تاريخ بعد درس الكتابة، وبعد ذلك بدأ الأطفال الصغار فى ترتيل أغنيتهم .. با .. بي .. بو  .. وفى آخر الفصل، ارتدى هوسر العجوز نظارته الطبية الضخمة، وأمسك بكتاب الهجاء بكلتي يديه، متهجيا الحروف مع الأطفال الصغار. وكان يبكى أيضاً وترتعش نبرات صوته تأثراً، وكان أمراً مضحكاً أننا جميعاً كنا نريد الضحك والبكاء فى نفس الوقت. يااااه .. مازلت أتذكر هذا اليوم جيداً .. الدرس الأخير.
وفجأة دقت أجراس الكنيسة معلنةً تمام الساعة الثانية عشرة ظهراً، ثم صلاة الظهيرة. فى نفس اللحظة سمعنا أبواق البروسيين (الألمان) العائدين من المنشرة، تحت نوافذ الفصل. نهض الأستاذ هامل من كرسيه .. شاحب الوجه. لم أره بهذا الطول من قبل قط.
وقال لنا:
"أصدقائي .. أنا .. أنا .. " ولكن شيئاً كان يتحشرج فى حلقه، فلم يستطع أن يُكمل جملته.
فاستدار إلى السبورة، وأخذ قطعة من الطباشير، وبدأ يكتب - متحاملاً على نفسه بكل ما أوتى من قوة – بأكبر خطٍ يستطيعه:
"عاشت فرنسا"
ثم توقف عن الكتابة، ومال برأسه على السبورة، وبدون أن ينبس بكلمةٍ، أشار لنا بيده:
" انتهى اليوم الدراسي .. يمكنكم الذهاب"

للكاتب الفرنسى/ دوديه
ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن



[1] أقليم ألساس (Alsace ) فى شمال شرق فرنسا
[2] أقليم لوراين (Lorraine) فى شمال شرق فرنسا
[3] نهر السار هو نهر فى شمال شرق فرنسا وغرب ألمانيا